الاثنين، 16 مارس 2015

لقد وجدت اللؤلؤة الكثيرة الثمن


عشت في بيت أبي حياة مرفهة أخرج مع صديقاتي في أي مكان وأشتري ما أريد و ألبس ما يحلو لي..... و لكن شاءت الظروف أن أتزوج وأنا صغيرة في قرية بعيدة عن القاهرة الكبرى و هنا شعرت بالفراغ القاتل ، لا أصدقاء ولا فسح ولا .... ولا ....
فكنت أبكي كثيرا وأعيش على أمل النزول في الإجازة للقاهرة وأرتب البرنامج من قبلها بأسابيع وأعد قائمة المشتروات وأقضي الإجازة في الفسح مع الأصدقاء حتى أني كنت أحيانا أذهب للسينما وأحضر فيلمين في نفس اليوم و أشترى أغلى الملابس وأضع المكياج الصارخ.
و عندما كان يحدثني أخي عن الذهاب للكنيسة وقراءة الإنجيل ، أجد مئات الأعذار ، فكيف أضيع وقت الإجازة الثمين في مثل هذه الأشياء عديمة الأهمية ، فعندي مئات المشروعات الأهم ، ثم تنتهي الإجازة وأعود لبيتي وأشعر مرة أخرى بالفراغ القاتل و رغبة البكاء والتذمر المستمر على هذه الحياة في المنفى كما كنت أسمي قريتي و عبثا يحاول زوجي التخفيف عني بأن يعدني بالذهاب للسينما في المدينة المجاورة يوم الإجازة ، كان ضميري يستيقظ أحيانا فأخمده بكل الطرق
وفي إحدى الإجازات أعطاني أخي قصة لأقرأها ، فألقيتها في شنطة السفر و وعدته أن أقرأها هناك في المنفى عندما أعود من الإجازة ، وعندما عدت لقريتي تركتها أمامي عدة أسابيع و في لحظة شعرت بضيق شديد من حياتي حتى كدت أختنق ، فأخذت الكتاب وإذا به قصة القديس العظيم أغسطينوس الذي حاول أن يشبع بكل متع العالم من مال وشهرة وخطية و.....
دون جدوى ، فلم يشبع و عاند كثيرا و أخيرا رجع لحضن المسيح و عبر عن سعادته الفائقة إذ قال : تبقى النفس قلقة حتى تجد راحتها فيك يا الله ، لقد أبطأت في حبك أيها الجمال الفائق ، كنت في داخلي وأنا كنت ابحث عنك بعيدا ، ها أنا أراك...
( تجد النفس راحتها فيك ) هزت هذه الكلمات كياني وسألت نفسي لماذا أنا حزينة ؟ أي شيء ينقصني مال.... جمال..... صحة.... زوج.... أولاد..... كل هذا لدي ، فلماذا هذا الفراغ القاتل ؟
و لكن عدو الخير شككني في مشاعري و هل يمكن أن أستغني عن أسلوب حياتي السابق وهل حقا سأكون سعيدة ؟ وإذا بصديقتي الوحيدة تزورني في نفس اليوم وكانت مغتربة مثلي و قد غابت عن القرية مدة سنة لظروف مرضها الخطير وإذا بي أراها وجهها منير يشع منه السلام وقد تركت ملابسها الخليعة وحياتها الصاخبة و مكياجها الصارخ فدهشت جدا و سألتها عن سر سعادتها ، فأجابتني إن الله صنع أكبر معجزة في حياتي.
فأجبتها على الفور: هل شفاك الله من مرضك؟ أجابت : اكثر بكثير، لقد عرفني طريقه و وجدت سعادتي معه ورفعني وقت التجربة ، فأنا لا أخشى الموت الآن ،فهو الطريق الذي سيوصلني لحضن الآب
سالت دموعي غزيرة وأنا أتأمل وجهها و كأني أرى فيها صورة السيدة العذراء .... تسليمها .... وداعتها....
و ما أنا خرجت صديقتي حتى جثوت على ركبتي أبكي وأبكي وأقول له اقبلني أنا أيضا .... لن أجد سعادتي إلا فيك.
طرق زوجي الباب و هو يقول لي: آسف جدا يا عزيزتي، لقد تأخرت جدا في العمل و خايف تزعلي و تتنكدي أننا مش حنقدر نروح السينما الليلة
فأجبته بسعادة شديدة : لقد وجدت سعادتي في المسيح ، لقد وجدت اللؤلؤة الكثيرة الثمن
فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى و باع كل ما كان له و اشتراها ( مت 13 : 46 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونةالطريق الكرب2015