في المرّة الأولى التّي صليّت فيها بصدق لم أكن اعرف إن كنتُ اؤمن باللّه ولم أكن قد كوّنت أي صورةً عنه أو أي فكرٍ لاهوتي يتخطى ما اكتسبتُ أيام المدرسة الابتدائيّة. كنتُ محاميّةً على الورق اعتقد ان الدين هو للاشخاص البسطاء الذّين تنقصهم الشجاعة لرؤية العالم على ما هو عليه كما كنتُ أظنني فاعلة. كنتُ مدمنةً على الكحول قبل ان ادرك في غابة ناشفيل أنّه ان لم اتوقف عن الشرب سرعان ما سأموت.
فأدركتُ ان ما من قوّةٍ بشريّة قادرة على انقاذي وفي تلك اللحظة وبعفويّةٍ تامة استنجدت باللّه كالطفل الذّي يأخذ يدّ أحد والدَيه عندما يشعر بالخطر فصليّت الصلاة الربيّة.
قد لا تُستجاب صلاتي إلاّ أنّها الدليل الأكيد ان اللّه موجود إذ ان الصلاة تنبع من الداخل من شيءٍ يفوق المنطق والنفس والهويّة الخارجيّة التّي كوّنتها لنفسي والعالم الذّي حميّتُ نفسي منه.
تلوتُ الصلاة التّي اتذكرها من المدرسة الابتدائيّة... أنا الملحدة المقتنعة، صلّيت واختلطت الأمور في ذهني. وبعد بضعة أشهر، تدخلت أسرتي ونقلتني الى مينيسوتا واقلعت عن الكحول منذ ذلك الحين.
"إن سألتم أي شيء باسمي فإني أفعله" (يوحنا 14،14) فالطلب باسم يسوع هو الأساس وهذا لا يعني أنّه علينا ان نذكر اسم "يسوع المسيح" لتُستجاب صلاتنا علمًا ان لاسمه قدرةً خياليّة. فيكفيك ان تكون مقتنعًا تمامًا ان لقوتك حدود وان تكون جاهزًا لطلب المساعدة وان تُدرك من اعماقك ان طريقة عيشك حياتك ليست الطريقة الأنسب. هكذا نسمح لللّه بالتدخل وهكذا يزورنا المسيح سواء عرفنا أنّه المسيح أم لا وسواء تعرّفنا إليه أم لا.
زارني المسيح قبل ان أدرك أنّه المسيح وعندما تعرفتُ عليه أصبح السؤال: لماذا لا أشارك في هذه الهديّة الرائعة والمجنونة والساميّة وهي الافخارستيا والكنيسة؟
فإن أتممنا مشيئته داخل الكنيسة وخارجها ندخل ملكوته الذّي وإن لم نتممّ مشيئته سيبقى بعيدًا عنّا مهما دعونا: "ربي، ربي!"
وبتميم مشيئته أقصد الصدق والصلاة دون انقطاع وفحص الضمير يوميًّا ان لم يكن كلّ ساعة والرغبة بتصحيح الاخطاء والابتعاد ابتعادًا جذريًّا عن الضغائن والرجوع دائمًا الى اللّه طلبًا للمساعدة مُسلّمين بأن "مشيئته هي التّي ستتحقق لا مشيئتنا" والقبول بتقدمنا البطيء على مستوى الايمان.
وبملكوته أقصد الحياة واقصد الفرح بأن أحد الخراف الضالة قد عاد. عندما أقلعت عن الشراب اعتقدت أنّني فهمتُ ما هو المطلوب مني أي أنّه عليّ أن اراجع أخطائي وأعدل عنها. وكنتً ممتنة لوصولي الى هذا الاستنتاج وعازمة على تحقيق ذلك إلاّ أنّني لم ادرك لفترةٍ طويلة ان الهدف من ذلك هو استقبال الحياة. ويقول يسوع "ما جئتُ لأنقض بل لاكمل" (متى 5، 17) ونحن لا نتبع الناموس لنكون مستقيمي السيرة وأناس جيّدين بل نتبع الناموس لنُعطى الحياة.
سمعتُ شابًا يقول "لم أشرب كأسًا منذ اكثر من شهر والبارحة ابتسمت وكانت المرّة الاولى التّي ابتسم فيها منذ عشر سنوات." لا أتمنى الادمان على الكحول لألد أعدائي إلاّ أنني اتمنى للجميع ان يختبر مشهد النور وهو يعود الى عينَي شخص آخر. فهذا هو الملكوت، لا يهمك ان تموت فقيرًا أو وحيدًا مشردًا عندما تدرك انك عشت الحياة وعرفت الحبّ.
وأنا لا أزال بصورةٍ أو بأخرى في ناشفيل أصلي الصلاة التّي أنقذتني حينها والتّي انقذتني مجددًا بعد ستة وعشرين سنة: "خلصني من الشرير وساعدني لأعرف كيف أحبّ. ساعدني لأنّني لا اعرف كيف اساعد نفسي."
هيذر كينغ كاتبة في رصيدها الكثير من الكتب ومنها الثقافة وسحابة المجهول وتشارك في العديد من المدونات ومنها: هيذر كينغ: السر والذكاء والضحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق